فصل: خطبة الكتاب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)




.خطبة الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القديم الأول الذي لا يزول ملكه ولا يتحول خالق الخلائق وعالم الذرات بالحقائق، مفنى الأمم ومحيي الرمم ومعيد النعم ومبيد النقم وكاشف الغمم وصاحب الجود والكرم، لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، وأشهد أن لا إله إلا الله تعالى عما يشركون، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله إلى الخلق أجمعين، المنزل عليه نبا القرون الأولين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما تعاقبت الليالي والأيام وتداولت السنين والأعوام.
وبعد، فيقول الفقير عبد الرحمن بن حسن الجبرتي الحنفي غفر الله له ولوالديه وأحسن إليهما وإليه: إني كنت سودت أوراقاً في حوادث آخر القرن الثاني عشر وما يليه من أوائل الثالث عشر الذي نحن فيه جمعت فيها بعض الوقائع إجمالية وأخرى محققة تفصيلية، وغالبها محن أدركناها وأمور شاهدناها واستطردت في ضمن ذلك سوابق سمعتها ومن أفواه الشيخة تلقيتها، وبعض تراجم الأعيان المشهورين من العلماء والأمراء المعتبرين وذكر لمع من أخبارهم وأحوالهم وبعض تواريخ مواليدهم ووفياتهم. فأحببت جمع شملها وتقييد شواردها في أوراق متسقة النظام مرتبة على السنين والأعوام ليسهل على الطالب النبيه المراجعة ويستفيد ما يرومه من المنفعة ويعتبر المطلع على الخطوب الماضية، فيتأسى إذا لحقه مصاب ويتذكر بحوادث الدهر إنما يتذكر أولوا الألباب. فأنها حوادث غريبة في بابها متنوعة في عجائبها وسميته عجائب الآثار في التراجم والأخبار وأنا لنرجو ممن أطلع عليه وحل بمحل القبول لديه أن لا ينسانا من صالح دعواته وأن يغضي عما عثر عليه من هفواته. أعلم أن التاريخ علم يبحث فيه عن معرفة أحوال الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائعهم وأنسابهم ووفياتهم، وموضوعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء والشعراء والملوك والسلاطين وغيرهم، والغرض منه الوقوف على الأحوال الماضية من حيث هي وكيف كانت، وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تغلبات الزمن ليحترز العاقل عن مثل أحوال الهالكين من الأمم المذكورة السالفين، ويستجلب خيار أفعالهم ويجتنب سوء أقوالهم ويزهد في الفاني ويجتهد في طلب الباقي، وأول واضع له في الإسلام عمر بن الخطاب رضى الله عنه وذلك حين كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر أنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيها نعمل فقد قرأ،ا صكا محله شعبان فما ندري أي الشعبانين أهو الماضي أم القابل وقيل رفع لعمر صك محله شعبان، فقال أي شعبان هذا هو الذي نحن فيه أو الذي هو آت ثم جمع وجوه الصحابة رضي الله عنهم وقال: إن الأموال قد كثرت وما قسمناه غير مؤقت فكيف التوصل إلى ما يضبط به ذلك. فقال له الهرمزان، وهو ملك الأهواز وقد أسر عند فتوح فارس وحمل إلى عمر وأسلم على يديه: أن للعجم حسابا يسمونه ماه روز ويسندونه إلى من غلب عليهم الأكاسرة فعربوا لفظة ماه روز يمورخ ومصدره التاريخ واستعملوه في وجوه التصريف، ثم شرح لهم الهرمزان كيفية استعمال ذلك فقال لهم عمر ضعوا للناس تاريخا يتعاملون عليه وتصير أوقاتهم فيما يتعاطونه من المعاملات مضبوطة. فقال له بعض من حضر من مسلمي اليهود: أن لنا حسابا مثله مسنداً إلى الإسكندر فما ارتضاه الآخرون لما فيه من الطول. وقال قوم: نكتب على تاريخ الفرس. قيل أن تواريخهم غير مسندة إلى مبدأ معين بل كلما قام منهم ملك ابتدأوا التاريخ من لدن قيامه وطرحوا ما قبله. فاتفقوا على أن يجعلوا تاريخ دولة الإسلام من لدن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن وقت الهجرة لم يختلف فيه أحد بخلاف وقت ولادته ووقت مبعثه صلى الله عليه وسلم.
وكان للعرب في القديم من الزمان بأرض اليمن والحجاز تواريخ يتعارفونها خلفا عن سلف إلى زمن الهجرة. فلما هاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وظهر الإسلام وعلت كلمة الله تعالى اتخذت هجرته مبدأ لتاريخها وسميت كل سنة باسم الحادثة التي وقعت فيها.
وتدرج ذلك إلى سنة سبع عشرة من الهجرة في زمن عمر فكان اسم السنة الأولى سنة الأذن بالرحيل من مكة إلى المدينة والثانية سنة الأمر أي بالقتال إلى آخره. وقال أصحاب التواريخ أن العرب في الجاهلية كانت تستعمل شهور الآلهة وتقصد مكة للحج، وكان حجهم وقت عاشر الحجة كما رسمه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لكان لما كان لا يقع في فصل واحد من فصول السنة بل يختلف موقعه منها بسبب تفاضل ما بين السنة الشمسية والقمرية ووقوع أيام الحج في الصيف تارة وفي الشتاء أخرى، وكذا في الفصلين الآخرين، أرادوا أن يقع حجهم في زمان واحد لا يتغير وهو وقت إدراك الفواكه والغلال واعتدال الزمن في الحر والبرد، ليسهل عليهم السفر ويتجروا بما معهم من البضائع والأرزاق مع قضاء مناسكهم. فشكوا ذلك إلى أميرهم وخطيبهم فقام في الموسم عند إقبال العرب من كل مكان، فخطب ثم قال: إنا أنشأت لكم في هذه السنة شهراً أزيده فتكون السنة ثلاثة عشر شهراً، وكذلك أفعل في كل ثلاث سنين أو أقل حسبما يقتضيه حساب وضعته، ليأتي حجكم وقت أدراك الفواكه والغلال،فتقصدونا بما معكم منها. فوافقت العرب على ذلك ومضت إلى سبيلها فنسأ المحرم وجعله كبيساً وأخره إلى صفر وصفر إلى ربيع الأول وهكذا، فوقع الحج في السنة الثانية في عاشر المحرم وهو ذو الحجة عندهم. وبعد انقضاء سنتين أو ثلاثة وانتهاء نوبة الكبيس أي الشهر الذي كان يقع فيه الحج وانتقاله إلى الشهر الذي بعده قام فيهم خطيباً وتكلم بما أراد ثم قال: إنا جعلنا الشهر الفلاني من السنة الفلانية الداخلة للشهر الذي بعده. ولهذا فسر النسئ بالتأخير كما فسر بالزيادة. وكانوا يديرون النسيء على جميع شهور السنة بالنوبة، حتى يكون لهم مثلا في سنة محرمان وفي أخرى صفران، ومثل هذا بقية الشهور، فإذا آلت النوبة إلى الشهر المحرم قام لهم خطيبا فينبئهم أن هذه السنة قد تكرر فيها اسم الشهر الحرام فيحرم عليهم واحدا منها بحسب رأيه على مقتضى مصلحتهم فلما انتهت النوبة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحجة وتم دور النسئ على جميع الشهور، حج صلى الله عليه وسلم في تلك السنة حجة الوداع وهي السنة العاشرة من الهجرة، لموافقة الحج فيها عاشر الحجة، ولهذا لم يحج صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة حين حج أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالناس لوقوعه في عاشر ذي القعدة. فلما حج صلى الله عليه وسلم حجة الوداع خطب وأمر الناس بما شاء الله تعالى. ومن جملته: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض»، يعني رجوع الحج إلى الموضع الأول كما كان في زمن سيدنا إبراهيم صلوات الله تعالى عليه، ثم تلا قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}. ومنع العرب من هذا الحساب وأمر بقطعه والاستمرار بوقوع الحج في أي زمان أتى من فصول السنة الشمسية، فصارت سنوهم دائرة في الفصول الأربع والحج واقع في كل زمان منها كما كان في زمن إبراهيم الخليل عليه السلام. ثم كون حجة الصديق واقعة في القعدة، فهو قول طائفة من العلماء. وقال آخرون بل وقعت حجته أيضا في ميقاتها من ذي الحجة وقد روي في السنة ما يدل على ذلك والله أعلم بالحقائق.
ولما كان علم التاريخ علما شريفا فيه العظة والاعتبار وبه يقيس العاقل نفسه على من مضى من أمثاله في هذه الدار، وقد قص الله تعالى أخبار الأمم السالفة في أم الكتاب فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. وجاء من أحاديث سيد المرسلين كثير من أخبار الأمم الماضين كحديثه عن بني إسرائيل وما غيروه من التوراة والإنجيل وغير ذلك من أخبار العجم والعرب مما يفضي بمتأمله إلى العجب. وقد قال الشافعي رضي الله عنه: من علم التاريخ زاد عقله.
ولم تزل الأمم الماضية من حين أوجد الله هذا النوع الإنساني تعتني بتدوينه سلفاً عن سلف وخلفاً من بعد خلف إلى أن نبذه أهل عصرنا وأغفلوه وتركوه وأهملوه وعدوه من شغل البظالين وأساطير الأولين، ولعمري أنهم لمعذورون وبالأهم مشتغلون ولا يرضون لأقلامهم المتعبة في مثل هذه المنقبة، فإن الزمان قد انعكست أحواله وتقلصت ظلاله وانخرمت قواعده في الحساب فلا تضبط وقائعه في دفتر ولا كتاب. وأشغال الوقت في غير فائدة ضياع وما مضى وفات ليس له استرجاع إلا أن يكون مثل الحقير منزويا في زوايا الخمول والإهمال، منجمعاً عما شغلوا به من الأشغال فيشغل نفسه في أوقات من خلواته ويسلي وحدته بعد سيئات الدهر وحسناته. وفن التاريخ علم يندرج فيه علوم كثيرة لولاه ما ثبتت أصولها ولا تشعبت فروعها منها طبقات القراء والمفسرين والمحدثين وسير الصحابة والتابعين وطبقات المجتهدين وطبقات النجاة والحكماء والأطباء وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأخبار المغازي وحكايات الصالحين ومسامرة الملوك من القصص والأخبار والمواعظ والعبر والأمثال وغرائب الأقاليم وعجائب البلدان. ومنها كتب المحاضرات ومفاكهة الخلفاء وسلوان المطاع ومحاضرات الراغب. وأما الكتب المصنفة فيه فكثيرة جدا ذكر منها في مفتاح السعادة ألفاً وثلاثمائة كتاب، قال في ترتيب العلوم وهذا بحسب إدراكه واستقصائه، وألا فهي تزيد على ذلك لأنه ما ألف في فن من الفنون مثل ما ألف في التواريخ وذلك لانجذاب الطبع إليها والتطلع على أمور المغيبات، ولكثرة رغبة السلاطين لزيادة اعتنائهم بحسب التطلع على سير من تقدمهم من الملوك مع ما لهم من الأحوال والسياسات، وغير ذلك فمن الكتب المصنفة فيه تاريخ ابن كثير في عدة مجلدات وهو القائل شعراً:
تمر بنا الأيام تترى وإنما ** نساق إلى الآجال والعين تنظر

فلا عائد صفو الشباب الذي مضى ** ولا زائل هذا المشيب المكدر

وتاريخ الطبرى وهو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري مات سنة عشر وثلاثمائة ببغداد، وتاريخ ابن الأثير الجزري المسمى بالكامل ابتدأ فيه من أول الزمان إلى أواخر سنة ثمان وعشرين وستمائة، وله كتاب أخبار الصحابة في ست مجلدات. وتاريخ ابن الجوزي وله المنتظم في تواريخ الأمم ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي في أربعين مجلداً، وتاريخ ابن خلكان المسمى بوفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، وتواريخ المسعودي أخبار الزمان والأوسط ومروج الذهب. ومن أجل التواريخ تواريخ الذهبي الكبير والأوسط المسمى بالعير، والصغير المسمى دول الإسلام، وتواريخ السمعاني منها ذيل تاريخ بغداد لأبي بكر بن الخطيب نحو خمسة عشر مجلداُ، وتاريخ مرو يزيد على عشرين مجلداً والأنساب في نحو ثمان مجلدات، وتواريخ العلامة ابن حجر العسقلاني وتاريخ الصفدي، وتواريخ السيوطي، وتاريخ الحافظ ابن عساكر في سبعة وخمسين مجلداُ، وتاريخ اليافعي وبستان التواريخ ست مجلدات، وتواريخ بغداد وتواريخ حلب، وتواريخ أصبهان للحافظ أبي نعيم، وتاريخ بلخ، وتاريخ الأندلس، والإحاطة في أخبار غرناطة وتاريخ اليمن، وتاريخ مكة، وتواريخ الشام، وتاريخ المدينة المنورة وتواريخ الحافظ المقريزي وهي الخطط والآثار، وغير ذلك، ونقل في مؤلفاته أسماء تواريخ لم نسمع بأسمائها في غير كتبه، مثل تاريخ ابن أبي طي والمسيحي وأبن المأمون وابن زولاق والقضاعي. ومن التواريخ تاريخ العلامة العيني كي أربعين مجلداً رأيت منها بعض مجلدات بخطه وهي ضخمة في قالب الكامل، ومنها تاريخ الحافظ السخاوي والضوء اللامع في أهل القرن التاسع، رتبه على حروف المعجم في عدة مجلدات، وتاريخ العلامة ابن خلدون في ثمان مجلدات ضخام، ومقدمته مجلد على حدة، من أطلع عليها رأى بحراً متلاطما بالعلوم مشحونا بنفائس جواهر المنطوق والمفهوم، وتاريخ ابن دقاق. وكتب التواريخ أكثر من أن تحصى، وذكر المسعودي جملة كبيرة منها وتاريخه لغاية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة فما ظنك بما بعد ذلك.
قلت: وهذه صارت أسماء من غير مسميات فأنا لم نر من ذلك كله ألا بعض أجزاء بقيت في بعض خزائن كتب الأوقاف بالمدارس مما تداولته أيدي الصحافيين وباعها القومة والمباشرون ونقلت إلى بلاد المغرب والسودان ثم ذهبت بقايا البقايا في الفتن والحروب، وأخذ الفرنسيس ما وجدوه إلى بلادهم. ولما عزمت على جمع ما كنت سودته أردت أن أوصله بشيء قبله فلم أجد بعد البحث والتفتيش ألا بعض كراريس سودها بعض العامة من الأجناد ركيكة التركيب مختلة التهذيب والترتيب وقد اعتراها النقص من مواضع في خلال بعض الوقائع. وكنت ظفرت بتاريخ من تلك الفروع لكنه على نسق في الجملة مطبوع لشخص يقال له أحمد حلبي بن عبد الغني مبتدئا فيه من وقت تملك بني عثمان للديار المصرية، وينتهي كغيره ممن ذكرناه إلى خمسين ومائة وألف هجرية.
ثم أن ذلك الكتاب استعاره بعض الأصحاب وزلت به القدم ووقع في صندوق العدم. ومن ذلك الوقت إلى وقتنا هذا لم يتقيد أحد بتقييد ولم يسطر في هذا الشأن شيئا يفيد، فرجعنا إلى النقل من أفواه الشيخة المسنين وصكوك دفاتر الكتبة والمباشرين، وما انتقش على أحجار ترب المقبورين وذلك من أول القرن إلى السبعين وما بعدها إلى التسعين، أمور شاهدناها ثم نسيناها وتذكرناها ومنها إلى وقتنا أمور تعقلناها وقيدناها وسطرناها إلى أن تم ما قصدنا بأي وجه كان وانتظم ما أردنا استطراده من وقتنا إلى ذلك الأوان. وسنورد إن شاء الله تعالى ما ندركه من الوقائع بحسب الإمكان والخلو من الموانع إلى أن يأتي أمر الله، وأن مردنا إلى الله ولم أقصد بجمعه خدمة ذي جاه كبير أو طاعة وزير أو أمير، ولم أداهن فيه دولة بنفاق أو مدح أو ذم مباين للأخلاق لميل نفساني أو غرض جسماني، وأنا استغفر الله من وصفي طريقا لم أسلكه وتجارتي برأس مال لم املكه.